تنبيه أدبي مِن خطر التطرّف، سواء غذّاه تصوّر ديني أو غير دينيّ، يحضر في رواية جديدة، من ثلاثة أجزاء، صدرت باللغة الفرنسية للكاتب المغربي حمزة مرزاق، أو المهندس عبد الرزاق حمزاوي اسمه في عمله غير الأدبي، “رسالتها: لنتساءَل دائما”.
وفي تصريح لجريدة تشاش تفي الإلكترونية حول روايته الجديدة “ثلاثون ليلة وليلة”، قال حمزة مرزاق: “هذه روايتي الثانية، بعد روايتي الأولى الصادرة في سنة 2020، التي دفعني إلى كتابتها همُّ تفكير في كيف أن شبابنا المغربي، والمجتمع العربي الإسلامي بشكل عام، قد يكون تحت تأثير التفكير المتطرف بجميع أشكاله الدينية وغير الدينية”.
وأضاف: “الرسالة المهمة في الرواية الأولى كانت أن الإنسان إذا تساءل في بعض الأحيان، فإن ذلك تلقيح له ضد فخ التطرف”.
وتابع: “في تلك الرواية تحدّثت عن الفرد، والحلّ الذي يخصّه، وأحسست بأنه قد بقي شيء ما لم أتطرق له، هو كيف يمكن مساعدة هؤلاء الذين سقطوا في فخّ التطرّف”.
وعكس “ألف ليلة وليلة” التي هي حكايات للاسترخاء والمتعة من أجل الراحة، فإن “ثلاثون ليلة وليلة” رواية تدفع إلى أن “يستيقظ الإنسان”، وعيا بأن “حكي قصة لإنسان شيء مهم؛ لأن الإنسان يتذكر القصص”.
هذه الرواية الجديدة، التي صدر جزؤها الأول بفرنسا ومن المرتقب أن يصدر جُزآها المتبقّيان قبل متم سنة 2024 الراهنة، تحكي قصّة مغاربة قادهم عملهم إلى أماكن أخرى من القارة الإفريقية، إلى أن “وجدوا أنفسهم داخل منظمة إرهابية، واعتقلوا وحكم عليهم بالإعدام، بتزامن مع بداية شهر رمضان”.
هنا؛ “طلب المحكومون مهلة لتمضية الشهر الكريم، ثم يمكن تنفيذ حكم الإعدام في حقّهم، مقابل تدريس أبناء الأحرار العربية والفرنسية”، وهنا توالَت قصص كل ليلة، أثّرت في محروسينَ، من بينهم مغربي، دفعته للتساؤل، ومساءلة النفس.
هذه الرواية جاءت بعد “همّ داخلي” حمله كاتبها، بعد أن انتبه إلى أمور “في ثقافتنا بعض الأحيان، تجعلنا نقبل حقائق مطلقة دون وضعها أمام تساءل، وهو ما يؤثّر علينا”، إذا لم يتحلّ الإنسان بتمرين طرح السؤال وتجديد طرحه عبر الحياة على النفس، والمحيط، والبعيد، والجديد، والقديم.
المهندسُ الستّينيُّ عبد الرزاق حمزاوي تكوينا وعملا، قال إنه في الأصل لم يكن كاتبا، لكن قلمه أخرج روايتَي حمزة مرزاق؛ “لأني وقبل أن أكون مهندسا، مواطن مغربي، أعيش، وأحمل هم الشعب المسكين، وفي محيطي عرفتُ شبابا كانوا تحت تأثير منظمات إرهابية، فسعيت إلى الفهم عبر توثيق برامج وكتابات أنتجت في المغرب وخارجه، ولاهتمامي بالبرمجة اللغوية العصبية فإنّي أعي كيف يمكن أن يقع الإنسان تحت التأثيرات الخارجية”، وهكذا بدأت الكتابة الخاصّة “مع نفسي”، وتلتها مرحلة الصّدح لإيصال رسالة مفادها أن السؤال “تلقيح” ضد خطر التطرف، وترياق له، أيّا كان مصدره.