تعيش مجموعة من الأحزاب السياسية على إيقاع نشاط مضطرد مع بداية العام 2025، في مؤشر واضح على بدء تحركاتها الأولية استعدادا للانتخابات التشريعية المرتقبة العام المقبل.
ومن أحزاب المعارضة إلى أحزاب التحالف الحكومي يبدو الوضع متشابها، الكل بدأ يحشد أسلحته ويعد عدته للامتحان الانتخابي المنتظر سنة 2026، وسط تباين واضح في الأهداف والتطلعات، بين راغب في الصدارة وطامح إلى تحسين تموقعه في الخريطة السياسية المقبلة للبلاد.
ويرى الكثير من المراقبين أن التنافس على صدارة الانتخابات المقبلة سينحصر بشكل كبير بين أحزاب التحالف الثلاثي، التي لا يخفي أي منها رغبته في الفوز بالانتخابات بعد الولاية التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيسه عزيز أخنوش، الذي لا يظهر أنه سيفرط بسهولة في الصدارة، فيما يطمح حليفاه “الأصالة والمعاصرة” و’الاستقلال” في إزاحته من القيادة وتولي إدارة تجربة جديدة بعد انتخابات 2026.
في تعليقه على هذه التحركات يرى عبد الله أبو عوض، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، أنه “لا تخفى على كل مراقب للشأن السياسي المحلي والوطني توجهات منتخبي الأحزاب ونقاشاتهم قبل بداية الانتخابات التشريعية أولا ثم المحلية، وهو ما ينذر بترتيبات للبحث عن التواجد السياسي أو استمراريته في المحطة الانتخابية المقبلة”.
وأضاف أبو عوض، في تصريح لجريدة تشاش تفي الإلكترونية، أن “هذه النقاشات لا تتحدث عن تقييم الأداء السياسي والحصيلة المرتقبة، بل تسعى إلى تحديث أرضية جديدة لاستقطاب الناخبين، واستثمار فعاليات المجتمع المدني لترجيح كفة السياسي أولا ثم الحزب”.
وتابع المحلل ذاته موضحا بأن “هناك مناوشات مخفية بين الأحزاب ترتكز على إستراتيجية العمل على استقطاب رجال الأعمال للدعم، والبحث عن الوجوه الأكثر تأثيرا في العمل الجمعوي والمجتمع المدني”، مؤكدا أن “الأحزاب بدأت البحث عن أصحاب الشرعية في المجتمع، وهذا هو أصل المعركة بينها، في غياب شبه تام للبرامج السياسية الخلاقة أو الفاعلة، إلا استثناء لدى بعض الأحزاب التي تحترم البعد المؤسساتي في العملية السياسية”.
واعتبر المتحدث ذاته أن السباق على صدارة المشهد الانتخابي وقيادة حكومة 2026 بدأ، موردا أن “أحزاب التحالف التي تشكل الحكومة، وهي التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة، هي التي ستكون في صدارة المشهد، وذلك لعدة عوامل”، لخصها في التنظيم والممارسة.
وفي حالة الاستناد إلى استمرارية فلسفة الدولة الاجتماعية ومقاربتها العملية أكد أبو عوض أنه “سيكون لزاما على حزب رئيس الحكومة الحالي تجديد طاقة العمل والتنافسية بمقاربة عملية وإستراتيجية تبدأ معالمها من الآن فصاعدا”، لافتا إلى أن “كل الأحزاب سيكون لها بحث عن موطئ قدم في المشهد السياسي كمشارك في حكومة 2026، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري”.
من جهته سجل عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن “اللحظة الانتخابية في المغرب تبقى اللحظة الأهم في الممارسة السياسية، حيث تعمل الأحزاب السياسية بكل إمكانياتها للحضور”؛ واعتبر أن “هذه الممارسة في حد ذاتها تمثل عنوان أزمة حزبية عميقة، لأنها تتحول إلى أحزاب انتخابية لا سياسية، وهو ما يفسر حدة التقاطب الذي يصل أحيانا إلى العنف في الخطاب”.
وأفاد اليونسي، ضمن تصريح لتشاش تفي، بأن “الاستعداد للانتخابات مسألة عادية، بل ومطلوبة من الأحزاب؛ لكن الملاحظ في المغرب هو أن مجموعة من المشاريع والبرامج تتوقف بدعوى اقتراب موعد الانتخابات، وهو فعل غير معقول لا تنمويا ولا سياسيا”، وفق تعبيره.
وأكد المتحدث ذاته أنه “منذ حكومة عبد الرحمن اليوسفي ترسخ سلوك غير مقبول سياسيا، إذ تمارس أحزاب التحالف الحكومي المعارضة من الداخل”، في مشهد وصفه بـ”السريالي”، معتبرا أن “الأصل في العمل الحكومي هو التضامن؛ وهذا يزيد من تعميق أزمة الثقة في الخطاب والممارسة السياسيين”، حسب تعبيره.