على الرغم من أن المغرب عازم على تقوية الرياضات الإلكترونية وفتح آفاق واسعة لتطوير هذا القطاع الواعد في إفريقيا؛ فإن بعض السلوكات المرتبطة به، من قبيل إدمان الأطفال والمراهقين عليه والاستهلاك المُفرط لـ”الكايمز”، حتّمت إطلاق تحذيرات من لدن أخصائيين في علم النفس، على هامش اقتراب الدخول المدرسي، من أجل “إعادة الطفل إلى عادات ما قبل العطلة الصيفية لتحفيز جميع إمكانياته النفسية والعقلية على الاشتغال”.
في هذا الإطار، حذّرت بشرى المرابطي، أخصائية في علم النفس الاجتماعي، الآباء من التراخي بخصوص التعاطي مع الأبناء المدمنين على الألعاب الإلكترونية، وتحديدا الذين وجدوا فراغ فصل الصيف والعطلة المدرسية فرصة لتكثيف تحركهم في اللعبة التي قد تربطهم بأشخاص خارج الحدود الوطنية ويتقاسمون جميعا المصير نفسه داخلها”، مبرزة أن “الصرامة ضرورية لنقل الأطفال والمراهقين من هذا الوضع نحو وضع آخر مرتبط باقتراب الموسم الدراسي”.
وقالت المرابطي، ضمن توضيحات تحليلية نفسانية قدمتها لتشاش تفي، إن “العديد من الدراسات عالجت هذه الأسئلة الطارئة التي ظهرت عقب انتعاش الألعاب الرقمية في العالم”، مبرزة أنه تم كشف تأثيراتها السلبية حين تتحول إلى إدمان مرضي على نمو الطفل ونمو المراهق، خاصة على مستوى الجهاز العصبي وعلى القدرة على التركيز في أنشطة أخرى بما في ذلك الأنشطة المدرسية والتربوية التي تعرف تعثرا واضحا لدى الطفل المدمن على هذه الألعاب مقارنة بأقرانه.
ونبهت الأخصائية في علم النفس الاجتماعي الأسر إلى أن درجة الإدمان تشتد حين تكون هناك صعوبة لكي يبتعد الطفل عن ممارسة اللعب والارتباط غير الطبيعي بالشاشة وما ينجم عن ذلك من سلوكات؛ من قبيل الميل نحو الانعزال والاضطراب السلوكي وفوران الأعصاب وسرعة الاستثارة.
وشددت على أن فترة الصيف انتهت، والعائلات لديها مسؤولية واضحة حتى تقنن لعب أطفالها ومراهقيها، خصوصا بالنسبة للذين يتجاوزون ثلاث ساعات في اللعب دون انقطاع.
ولفتت المتحدثة إلى القابلية للعنف التي تتشكل بحكم الارتباط بعالم افتراضي غير واقعي في جزء كبير منه، وبحكم تغير برنامج النوم لدى الطفل المنخرط في مجتمع الألعاب الذي هو مجال منتظم داخل حقل خوارزمي يقرب بينه وبين لاعب آخر في مدينة أو في دولة أخرى”، منبهة إلى “المنافسات الكثيرة التي تتم لدرجة تغذي الإفراط في الإدمان؛ وهو ما يشوش على القدرة على التركيز إذا زاد الأمر عن حده الطبيعي”.
وقالت الأخصائية عينها إن الدماغ يبذل جهدا مضاعفا والعقل يحاول تجميع التفكير بما يتطلب جهدا نفسيا أيضا يجعل المراهق منشغلا في الألعاب بكل مشاعره أكثر من أي شيء آخر، مضيفة أن تعرض المراهق للأشعة الإلكترونية بحدة كبيرة ولوقت طويل له تأثير سلبي على طاقته التفكيرية. وأما الأطفال، فالتأثير يكون أخطر وأكثر جدية وقابلية للتدخل، لكون الإكثار في اللعب إلكترونيا في سن صغيرة قد يؤدي بهم إلى التوحد والتخلف الذهني”.
وأوردت المتحدثة أن الألعاب الإلكترونية ليست شيئا سلبيا بإطلاق، ففيه إيجابيات كثيرة ومحبذة؛ غير أن الإدمان هو الخطر الذي ينسف هذه الصورة الجميلة عن هذه الرياضات الناشئة، لا سيما أنه لا تفصلنا عن الألعاب سوى أيام معدودة تتطلب تحرك الأسر المعنية لتقليص حدة هذه الفورة لدى أبنائها وتحديد توقيت مناسب للعب خلال اليوم على ألا يتعدى ساعة واحدة”.
وشددت المتحدثة لجريدة تشاش تفي على أهمية إعادة بناء الدورة الطبيعية التي يألفها الذهن في الأيام العادية وفرض النظام الأصلي المتعلق بدورة النوم من أجل استعادة الحياة الطبيعية العادية”، خالصة إلى تشجيع هذه الفئات على تعويض وقتها بمجموعة من الأنشطة الأخرى؛ كالرياضة وتعلم الموسيقى ومطالعة الكتب، إلخ أو أنشطة محببة كالاستمتاع بالطبيعة والبحر وغير ذلك”، خاتمة: “هي دورة للتنقية وفترة نقاهة لهذه الذاكرة ولهذه القدرات الذهنية المشوشة بالألعاب الإلكترونية”.