حذر خبراء وباحثون تربويون من تفشي ظاهرة استعمال التلاميذ المغاربة أدوات الذكاء الاصطناعي بهدف إنجاز التمارين والواجبات المنزلية، في سياق تفاقم التحديات التكنولوجية التي تواجهها مدارس المملكة ضمن عصر الرقمنة الجديد.
وبعدما كان النقاش انصبّ في السنوات الأخيرة على استخدام الذكاء الاصطناعي في الأوساط الجامعية بالمغرب، وبين الفوائد والسلبيات، وطرق الرصد والتقييم، يبدو أن هذا النقاش المتجدد تمدّد ليصل إلى المؤسسات التعليمية التربوية.
ورصد طارق أبدار، مستشار في التوجيه التربوي بمديرية الحسيمة، ضمن مقال له توصلت به تشاش تفي، هذه الظاهرة عندما اكتشف أن ابنه الذي يدرس في السنة الثانية إعدادي يستعين بأداة “شات جي بي تي” لإنجاز تمارين رياضية.
ويقول أبدار: “لاحظت أنه ينجز تمارين رياضية بسرعة ودقة تفوق مستواه التعليمي، وعندما سألته عن كيفية حلها أخبرني بأنه يعتمد على ‘ChatGPT’؛ بل أكد أن العديد من زملائه يستخدمون الأداة نفسها، حتى في المباريات مثل الأولمبياد الوطنية في الرياضيات”، مشددا على أن هذه الظاهرة “ليست مجرد قصة عائلية، بل قضية تعليمية واسعة النطاق تستدعي النقاش والتحليل”.
وفي تصريح لتشاش تفي أورد المستشار في التوجيه التربوي بمديرية الحسيمة، والطالب الباحث بجامعة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية: “هذا الأمر دفعني إلى تنبيهه إلى أن مخاطر الاستعانة بهذه الأداة في مسألة تتعلق بالرياضيات كبيرة جدًا ومؤثرة على قدراته الإبداعية”.
وأضاف المتحدث عينه أن “هذا الأمر أثار تساؤلات عديدة عن حجم استخدام الذكاء الاصطناعي لحل التمارين المنزلية بالمدارس المغربية”، ما دفعه إلى التواصل مع أستاذ للرياضيات، لتبين “تقديم التلاميذ إجابات متقدمة مقارنة بمستواهم التعليمي، لكنهم لا يستطيعون شرحها أو تقديمها”.
كما أكد أبدار أن “هذه معضلة تتفاقم بشكل واضح وتؤثر على الإبداع المستقل للتلميذ، بحيث يجد أجوبة سهلة للغاية وطرقا غير مكلفة لإنجاز التمارين، في حين أن الهدف هو أن يقدم أخطاءه ليتعلم منها، وأن يكتسب مهارات الإجابة عن الحلول بطريقته الخاصة والمستقلة”.
واعتبر المستشار في التوجيه التربوي في مقاله، المعنون بـ”استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل التلاميذ في إنجاز التمارين: أداة تعليمية أم وسيلة للتحايل؟”، أن هذا الأمر له تأثير غير مباشر على مستوى التعليم بالمغرب، حيث “تبرز صعوبة تقييم المستوى الحقيقي للمتعلمين”، موردا: “عندما تكون الإجابات جاهزة يصعب على الأساتذة معرفة ما إذا كان المتعلم فهم المادة أم لا، بحيث تتحول العملية التعليمية من بناء المهارات إلى مجرد البحث عن الإجابات الجاهزة”.
من جهته نادى جمال شفيق، خبير ومفتش تربوي مركزي سابق، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بـ”استعجال بحث سبل معالجة هذه الظاهرة التي بدأت تتفاقم في صفوف التلاميذ المغاربة”.
وأضاف شفيق لتشاش تفي أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي عبر العالم في مجالات التعلم “مازال إلى اليوم موضوع نقاش مستفيض، وفي المغرب لابد للمسؤولين أن ينتبهوا إلى كون النقاش لم يعد منحصراً فقط في مجال التعليم العالي وبحوث التخرج، بل وصل إلى حجرات الدراسة في المؤسسات التعليمية التربوية”.
وشدد المتحدث عينه على أن الوزارة “مطالبة بإصدار قرارات تضع الأساتذة أو المؤسسات أمام ضوء أخضر قانوني لاتخاذ تدابير يمكن وصفها بالخطوات الأولى لمعالجة هذا الوضع”.