احتفالا بمساره السياسي الغني كقيادي يساري في حزب التقدم والاشتراكية، وعضو بأكاديمية المملكة، تم تقديم إصدار جديد تحت عنوان “إسماعيل العلوي..نبل السياسة”، أمس الخميس بمقر حزب التقدم والاشتراكية بالرباط.
المؤلف الجديد للإعلامي محمد السراج الضو، بمساهمة من الشاعر والروائي والعضو بأكاديمية المملكة المغربية محمد الأشعري، والمؤرخ مصطفى بوعزيز، والإعلامي عبد الرحيم التوراني، سرد مسار العلوي الحافل من النشأة بغرب المغرب، فتجربة الحزب الشيوعي المغربي، ثم الكتلة الديمقراطية ومراحل أخرى بصم فيها اسمه في الحقلين السياسي والفكري.
وذهبت قراءات الحاضرين للحفل، ومنهم قيادات سياسية من الأغلبية والمعارضة، وقامات فكرية، إلى التطرق لـ”تكتم السياسيين المغاربة عن تدوين مذكراتهم” طالما أعاد هذا المؤلف من جديد لأذهانهم حالة المغرب الفريدة هذه.
وقال الشاعر والروائي والعضو في أكاديمية المملكة المغربية محمد الأشعري إن “هذا المؤلف الفريد وثيقة في مجتمع يقضي حوائجه بالكتمان”.
وتأسف الأشعري في كلمته لأن “رجالات المغرب أو غالبيتهم لم يتركوا لنا أثر كتاباتهم”.
وانتقل المتحدث عينه إلى التطرق لكون هذا المؤلف “يعيد من جديد للأذهان كم من الوجوه ضيعها هذا البلد وقد لا تتكرر مستقبلا”.
ويتناول الكتاب احتكاكات السياسي العلوي مع مسارات طبعت تاريخ المملكة، من مرحلة الحوار الوطني حول المجتمع المدني، وتجربة الكتلة الديمقراطية، وحكومة التناوب، وتجارب تقلده المسؤولية، وأولا الحزب الشيوعي المغربي.
وعاد أيضا الإعلامي محمد السراج الضو للحديث عن كون المؤلف يلقي الضوء على “النقص الحاصل في المغرب في رصد واقعه السياسي، حيث الثقافة السياسية متكتمة ولا تتسم ببوادر النصح للأجيال الأخرى”.
ومدح السراج في كملته خصال العلوي، من “تواصل جيد مع الصحافة، وحبه ضم كل حوار له إحدى القضايا الوطينة”، مردفا: “هو رجل لم يتوار خلف جدران بيته مثل الآخرين”.
وتابع المتحدث ذاته: “يعبر بكل وضوح حول القضايا السياسية ناصحا ومنتقدا”، مشيرا إلى أن علاقته معه بدأت منذ حوالي 15 سنة في إحدى الحوارات، وكاشفا أن العديد من الأعمال القادمة له ستكون حول شخصيات سياسية ونقابية بالمغرب.
أما المؤرخ مصطفى بوعزيز فاختار في قراءة للمؤلف أن يسائل العلوي بشأن مسارات طبعت التاريخ السياسي للمغرب، مثل “ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال، وتجربة الحزب الشيوعي، وضرورة استحضار نقاش الشيوعية والحركة الإسلامية وعلاقتهما، كون العلوي انخرط في الحزب وهو من أسرة محافظة متدينة”.
كما يرى بوعزيز ضرورة “توسيع النقاش حول تجربة الكتلة الديمقراطية ليصل إلى زوايا متعددة من جل الأطراف”.
من جهته يرى الإعلامي عبد الرحيم التوراني أن عنوان المؤلف كان يفضل أن يكون “إسماعيل العلوي..نبل السياسي”، حتى يتضح المعنى أكثر.
وأوضح التوراني في كلمته أن هذا الأمر يأتي في ظل “تحول السياسة لدى الرأي العام إلى مجرد تحايل، وخاصة في الوقت الحالي، حيث تبتعد عن النبل أكثر، كما يحصل مع إيلون ماسك والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومحاولة تحويل الناس إلى عبيد”.
وتساءل المتحدث عينه عن “أسباب عزوف المغاربة ممن مروا من تجارب عن الكتابة؟”، مشيرا إلى أن “مؤلف العلوي جاء متأخرا، لكنه أفضل من لا شيء”.
من جهته تمنى محمد بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن “يكون هذا المؤلف نهاية لوضع الصمت لدى السياسيين المغاربة”، قائلا: “نحن في حاجة إلى أن يكتبوا”.
وفي كلمته تحدث القيادي اليساري إسماعيل العلوي عن كون الكتاب كان سببه الأول إدريس جطو وعدد من السياسيين من رفاقه الذين شجعوه على تدوين مذكراته.
ولم يخف العلوي كونه تردد في بداية الأمر بشأن تدوين مذكراته، أو بالأحرى كان رافضا لذلك.
وتابع القيادي في حزب التقدم والاشتراكية: “السبب وراء ذلك أن الذاكرة البشرية أعتبرها خيانة للواقع، ولست شخصا مستعدا لهذا النوع من النرجسية بالكتابة عن الذات”.
واستدل العلوي بالجنرال الفرنسي شارل ديغول الذي كان يدون كل ما يجري معه، وأضاف: “أنا كنت شابا مغربيا عاديا لم يكن يطمح إلى شيء خارق للعادة”، مستدركا بأنه كان يجيب عن كل الأسئلة التي تطرح عليه.
ورد المتحدث على مداخلة المؤرخ مصطفى بوعزيز قائلا: “للأسف لم يفاتحني حول هذه الأمور، لكنت أجبت عنها بإسهاب”.
وعلق العلوي على عنوان المؤلف قائلا: “لم أعتبر نفسي أكثر نبلا من أي شخص آخر يمارس السياسة، بل إن مؤلف الكتاب رغب في نداء المغاربة بأن ينظروا نظرة أخرى للسياسة”، معتبرا أن “هذا اللفظ يذهب للارتقاء بالشأن العمومي، وفي المقابل منحه المعجم العربي وضعا غير مريح بجانب ألفاظ الدولة والدستور”.