في سابع تقاريرها السنوية أكدت رئاسة النيابة العامة، حول سير النيابة العامة وتنفيذ السياسة الجنائية برسم سنة 2023، أن “ممارستها صلاحياتها القانونية رصدت استمرار مؤشر ومنحى الارتفاع الذي طبع مختلف أوجه اختصاص قضاء النيابة العامة، سواء في المجال الزجري أو المدني أو التجاري أو الأسري”، مستدلة على ذلك بـ”الزيادة العامة المسجّلة في عدد الإجراءات الرائجة، بما انعكس على معدل أداء قضاتها السنوي الذي انتقل من 8223 إجراء سنة 2022 إلى 8599 إجراء عند نهاية سنة 2023”.
“غياب التناسب” بين المهام وعدد القضاة
توقف التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة، المرفوع إلى الملك محمد السادس والصادر أمس الخميس، عند مفارقة دالة؛ فـ”رغم هذا الارتفاع المتزايد والمضطرد للإجراءات والمهام التي تباشرها النيابات العامة سنة بعد أخرى فإن عدد قُضاتها ظل ثابتاً لم يتجاوز 1087 قاضية وقاضيا عند نهاية سنة 2023، أقل مما كان عليه الوضع قبل سنتين، إذ بلغ عددهم متم سنة 2021 ما مجموعه 1103 قضاة وقاضيات”؛ ما يؤشر على “عدم وجود تناسب بين الزيادة المضطردة في المهام وبين تطور عدد قضاة النيابة العامة”.
ونوهّت المؤسسة ذاتها، في السياق، بكون “الارتفاع المسجل في عدد الإجراءات الرائجة أمام النيابات العامة لدى محاكم المملكة سنة 2023 لم يمنع الأخيرة من تحقيق نتائج إيجابية، كان لها الأثر الواضح على تدبير مختلف المهام المسنَدة إليها”، وزادت شارحة: “بالإضافة إلى أداء قضاتها المهام الملقاة على عاتقهم، المتصلة بإقامة الدعوى العمومية وممارستها، وما تقتضيه من حضور للجلسات وممارسة طرق الطعن في الأحكام والمقررات والقيام بالزيارات التفقدية لأماكن الحرمان من الحرية ومراقبة المهن القانونية المنظمة، فقد تجلت مظاهر تحقيق النجاعة القضائية في التقليص من المخلَّف عن السنوات السابقة في مجموعة من المواد، بما يؤشر على فعالية الأداء”.
“تقليص المُخلّف”
بخصوص المُخلَّف، سواء من الشكايات أو المحاضر، استدلت الوثيقة حسب الأرقام ذاتها بـ”انتقال المخلف من الشكايات من 123 ألفا و577 شكاية عن سنة 2022 إلى 82.558 شكاية عن سنة 2023″.
كما أبرز التقرير السابع لرئاسة النيابة العامة بالمغرب “انتقال المُخلَّف من المحاضر من 188.864 محضراً عن سنة 2022 إلى 137.311 محضراً عن سنة 2023″، لافتا إلى “تقليص المخلف المتعلق بإجراءات التنفيذ الزجري من 58.865 إجراء عن سنة 2022 إلى 30.815 إجراءً برسم سنة 2023”.
ينضاف إلى ذلك، وفق ما طالعته تشاش تفي في بيانات التقرير، “تحقيق مجموعة من النتائج المُرضية، خُصص لها حيز خاص”.
هذه النتائج المحققة جاءت، وفق رئاسة النيابة العامة، عاكسةً “تفاعل النيابات العامة بقُضاتها وأطُرها، وانخراطها الجدي في تنزيل توجيهات رئاستها”؛ بعد أن أصدرت سنة 2023 ما مجموعه 27 دورية تطرقت لمواضيع متنوعة تهم سير النيابة العامة وتنفيذها السياسة الجنائية.
القضايا الرائجة والمسجلة
تطرق التقرير بتفصيل إلى “مجموع القضايا المسجلة بالمحاكم والمحكوم منها برسم سنة 2023″، باسطاً في هذا الشأن بيانات ذات دلالة عن دينامية “النشاط العام للنيابات العامة”.
بالأرقام، بلغ مجموع القضايا الرائجة بمجموع محاكم المملكة، بما فيها محكمة النقض، سنة 2023، ما مجموعه 5.525.294 قضية، بارتفاع نسبي عن العدد المسجل سنة 2022 يقدر بحوالي 6,44%؛ ما يمثل “زيادة 334.676 قضية”.
وقد تخلّفت في السنة المذكورة 764.536 قضية بعد إصدار الأحكام والقرارات القضائية بخصوص 4.747.707 قضايا، لتخلص رئاسة النيابة العامة إلى أن “نسبة المحكوم من المُسجّل تجاوزت 100% رغم الارتفاع الذي عرفه عدد القضايا”، أما نسبة “المحكوم من الرائج” فقاربت 86 %.
وتُساهم النيابات العامة لدى محاكم المملكة في “النشاط العام لهذه الأخيرة عند تدبير القضايا المعروضة عليها، من خلال ممارسة الأدوار المنوطة بها، سواء كطرف أصلي في مختلف المواد الزجرية أو كطرف أصلي أو مُنْضَمٍّ في باقي القضايا المدنية أو الأسرية أو التجارية”؛ ولفت التقرير إلى مساهمتها، كذلك، في “تحقيق النجاعة القضائية وضمان احترام الآجال الاسترشادية للبت فيها عند مباشرتها الصلاحيات المنوطة بها في مجال التبليغ والتنفيذ، ولاسيما عبر تسخير القوة العمومية أو تنفيذ الإكراه البدني”.
تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة
وتم سنة 2023 “تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة”، عبر “تنظيم مجموعة من الدورات التكوينية وإصدار دلائل عملية”. كما تم عقد “اجتماعات دورية مع المسؤولين القضائيين عن النيابات العامة، إيمانا منها بما لهؤلاء المسؤولين من دور أساسي كقناة لنقل توجهات هذه الرئاسة لمختلف العاملين بالنيابات العامة لدى المحاكم”، معززة بذلك “دورها التأطيري والإشرافي على عمل هذه الأخيرة”.
وقالت رئاسة النيابة العامة إنها “تستشرف آفاقا واعدة من أجل تطوير أدائها وتفعيل دورها بتنسيق وثيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية والوزارة المكلفة بالعدل، ومختلف المؤسسات الوطنية والسلطات العمومية المعنية، ترسيخا للاستقرار الذي تنعم به المملكة”.