قالت قيادات نقابية مغربية إن نشر القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب ضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية يستوجب المرور مباشرة إلى “مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية”، معتبرين أن “الفراغ التشريعي الذي لاحق التنظيمات الاجتماعية بلغ مداه أمام الحاجة المستمرة إلى تشريعات متجددة تتنفّس داخل سياقاتها”.
ونادت القيادات نفسها بإخراج النص المذكور من “ثلاجة البرلمان” وطرحه “وفق صيغة توافقية داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي قبل إتمام مسطرتها التشريعية”، مشددة على أن “الرأي الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حوله يمكن أن يتعزز بآراء مؤسسات دستورية أخرى”، لافتة إلى “هذه العملية من شأنها إسناد النص برؤى متعددة تضمن ممارسة نقابية سليمة في بلادنا”.
ضرورة ملحة
عبد الإله السيبة، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، قال إن “صدور قانون الإضراب بشكل نهائي في الجريدة الرسمية جعل من قانون النقابات المهنية ضرورة ملحة”، داعيا إلى “بداية مناقشته في أقرب الآجال، لكونه سيتضمن مقتضيات أساسية توضّح بالضرورة بعض مضامين تنظيم كيفيات وشروط ممارسة حقّ الإضراب”.
وأشار السيبة، في تصريحه لتشاش تفي، إلى أن “تنظيم هذا الحق الدستوري يظلّ منقوصا في حالة تأخر قانون النقابات”، مشددا على “ضرورة تجاوز هذا الفراغ التشريعي وإصلاح مدونة الشغل بدورها كي نكون مساهمين في إصلاح الحقل النقابي في المغرب ككل”، وقال: “للمساهمة في الدفاع عن الحقوق المشروعة للأجراء سبق أن نبّهنا إلى وجود مجموعة من الثغرات في المدونة تقتضي إعادة النظر”.
وأورد القيادي النقابي أن “الإضرابات التي تحدث تكون غالبا بسبب عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل”، مشيرا إلى “الحاجة إلى إجراء إصلاح جذري يشمل قانون النقابات”، وأضاف: “لا يعقل أن تظل المنظمات النقابية بلا تأطير تشريعي كل هذه السنوات منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي. كان من ضمن مطالبنا الأصلية أن يبدأ تداول القانون لتعجيل خروجه”.
إصلاح شامل
علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، سجل أن الفصل الثامن من الدستور، الذي يوجه إلى وضع قانون جديد للنقابات على غرار قانون الأحزاب، يحدد بشكل خاص القواعد المتعلقة بتأسيس المنظمات النقابية وأنشطتها، وكذلك معايير تخويلها الدعم المالي من الدولة، وكيفيات مراقبة تمويلها، لافتا إلى أن “النقابات بشكل عام تعيش بفضل تشريع يعود إلى القرن الماضي”.
وأورد لطفي، في تصريحه لتشاش تفي، أن “جميع القوانين تم تحسينها وتحديثها وتطويرها بما في ذلك دستور المملكة؛ لكن المقتضيات المنظمة للنقابات ظلت تحمل بياضات كثيرة”، لافتا إلى “وجود صيغة واردة في مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية، والذي قدم فيه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيه الاستشاري”.
ودعا المتحدث الحكومة إلى “إعادة النظر في المشروع، وتجنب السقوط في نفس الأخطاء السابقة”، مبرزا “أهمية إشراك جميع الفعاليات النقابية، بما في ذلك النقابات غير المشاركة في الحوار الاجتماعي المركزي. لا بد من نيل رأيها مكتوبا، ثم تداول الصيغة النهائية للمشروع بين الحكومة وأرباب العمل والنقابات لضمان تحقيق التوافق بشأنه”.
وتمسك الفاعل النقابي بـ”إخراج القانون لضمان معالجة إشكالية ‘النقابات الأكثر تمثيلية’ الواردة في مدونة الشغل، مع العلم أن الأخيرة تهم فقط القطاع الخاص والمؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري”، مناديا كذلك بـ”إصلاح مدونة الانتخابات المهنية وتحديث جميع المراسيم والقوانين التي تنظم الفعل النقابي بالمغرب، وإعداد نصوص منظمة تستجيب للتحولات التي يعيشها البلد”.