
“من خارج لوثة الموضة والاستعمال” يهتم كتاب جديد للباحث يحيى بن الوليد بعالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي “في سياقها المغربي”، بوصفها “من الجيل المؤسس والمؤثر في الوقت ذاته في السوسيولوجيا المغربية”.
بعد عشر سنوات على رحيلها، يصدر هذا الكتاب الجديد عن “دار الفاصلة للنشر”، مهتما بمنجز “الباحثة السوسيولوجية المتميّزة، والكاتبة المغربية الجريئة والمثيرة فاطمة المرنيسي، التي خلّفت ميراثا معرفيا نادرا، من أبحاث وأبحاث ميدانية ومقالات ومقابلات واستجوابات وتسجيلات، موازاة مع محاضرات وحوارات ومداخلات”، تؤكّد جميعها “مسارها المتفرّد، وأنها من النوع الذي لا يعوّض بالنظر لمرجعيتها الفكرية، ومستنداتها التصوّرية، ومقولاتها النظرية، وعدّتها المفاهيمية، وغير ذلك من مرتكزات المعرفة والمعرفة النقدية التي جعلت منها (نسوية مختلفة)”.
المرنيسي، التي تعدّ من الجيل المؤسّس للدرس السوسيولوجي بالمغرب، من بين ما ميّزها كونها “في الوقت الذي اشتغل فيه البعض بـ”فك الاستعمار” أو مراجعة الغطاء الكولونيالي في السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا، أو الانتظام في السوسيولوجيا القروية، ولأسباب وجيهة (…) التزمت بموضوع المرأة، اعتمادا على طرائق التحليل السوسيولوجي المنهجي، التي ثقفتها في جامعات الغرب الرأسمالي. وبعد ذلك توجّهت إلى الماضي لاستخلاص نظرة مغايرة للمرأة، في ضوء تقاليد الإسلام المبكّر، التي طمسها التأويل الذكوري المتعصّب، وكذلك مساءلة الغرب الذي لم يسلم بدوره من الحريم”.
بعد ذلك “انتظمت، أكثر، ضمن “الفكر المتحرّك” في علائقه مع المجتمع المغربي ومناطقه المهمشة (…) دعما لمشروع التغيير، الشاق والأصعب، عن طريق تعليم الشباب لأشكال التواصل، وتمكين النساء من الأدوات الأولية والضرورية للديمقراطية”.
وقد تعاطت الباحثة موضوع العمل الجديد مع ثلاثة محاور كبرى، هي: نساء المغرب، والتراث الإسلامي، والسرد بمعناه الموسَّع. ومن هنا “تمكّنت من بلورة مشروع قائم الذات، وبالقدر ذاته دال على صاحبته”، وهو مشروع “لا يمكن أن يقابل، في مجال المعرفة، بالتقصير المعرفي والحيف الذكوري”، حيث أسهمت بدورها في “الفكر المغربي، مثلما أسهمت في الفكر العربي ذاته بأعمال فكرية لا يمكن التغافل عنها في سياق البحث في مشكلات التعاطي مع التراث العربي الإسلامي، وفي المدار ذاته الذي لا نعدم فيه أفكارا قوية لها، تعنى بموضوع المرأة من منظور الإسلام ككل، والاستشراق والحداثة والحداثة السياسية، الإسلام والديمقراطية؛ تعيينا”.
ومن منظور التحليل الثقافي العام والتركيبي، يسعى الكتاب إلى تأطير منجز فاطمة المرنيسي “ضمن دوائر الفكر، وفي سياق المغرب، والثقافة العربية بعامة”، ويهتم بـ”جبهات المرنيسي” في الكتابة السوسيولوجية والتحليل الفكري، وبأداء “مثقفة نسوية رصينة وملتزمة”، وبعملها مع الصحافة والنشر “حتى يضطلعا بدورهما في معركة المرأة”.