في مشهد يتكرر بين الفينة والأخرى، تواصل مقبرة جرادة (روضة الصحابة) استقبال جثث مهاجرين غير نظاميين يتحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، دون أن تكون هوياتهم معروفة في أغلب الأحيان، حيث يرقدون في قبور بشواهد تحمل أرقاما عوض أسمائهم.
هؤلاء المهاجرون، الذين يعثر عليهم في الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر، يلقون غالبا حتفهم في ظروف غامضة أثناء محاولتهم عبور الحدود بحثا عن حياة أفضل في ما يوصف بـ”الفردوس الأوروبي”.
وشهدت هذه المقبرة، أخيرا، وفق المعطيات المتوفرة لدى تشاش تفي، دفن ثلاثة مهاجرين أفارقة جنوب الصحراء؛ أحدهم سوداني الجنسية، بحضور وفد سوداني وبإشراف من جماعة جرادة والسلطات المحلية. وحسب المعطيات المتوفرة، فقد جرى العثور على الجثث الثلاث في الشريط الحدودي القريب من منطقة “رأس عصفور” في ظروف غامضة.
وتظل أسباب وفاة هؤلاء المهاجرين محاطة بالغموض، إذ ترتبط غالبا بالظروف القاسية التي يواجهونها في الشريط الحدودي؛ مثل نقص الغذاء والماء، والتعرض لحوادث أثناء محاولة التسلل عبر الحدود.
تجدر الإشارة إلى أن الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر يعد منطقة معقدة بسبب التضاريس الصعبة والمراقبة الأمنية المشددة؛ مما يجعله ممرا محفوفا بالمخاطر، لا سيما خلال فصل الشتاء حين تنخفض درجة الحرارة بالمنطقة التي تشهد تساقطات ثلجية أحيانا.
وليست هذه المرة الأولى التي تستقبل فيها مقبرة جرادة جثث مهاجرين مجهولي الهوية. ففي دجنبر 2022 ويناير 2023، دُفنت جثامين 6 مهاجرين آخرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء في المقبرة ذاتها، بعد العثور عليهم في ظروف مماثلة.
وعلى الرغم من تشديد المغرب الحراسة على الحدود مع الجزائر، فإن محاولات المهاجرين غير النظاميين لدخول التراب الوطني بغرض الهجرة نحو أوروبا لم تتوقّف، سواء عبر “قوارب الموت” أو سياج مليلية المحتلة.