على بعد أيام من عرض قرار الإيقاف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة، دعا مناهضو العقوبة بالمملكة الحكومة إلى “التخلص من موقف الامتناع عن التصويت لصالح قرار وقف تنفيذها، حتى تنسجم على الأقل مع الموقف غير الرسمي للمغرب الذي لم ينفذ الإعدام قبل أكثر من ثلاثين سنة، وحتى يكون ذلك تعبيرا عن قلقها من استمرار قتل المئات من الأشخاص كل سنة وإعدامهم بأبشع أساليب القتل الهمجي المتخلف، في الكثير من الدول باسم القانون”.
ووفق ما عبر عنه الرافضون لوجود العقوبة السالبة للحياة في التشريع الجنائي الوطني ضمن مراسلة موجهة إلى رئيس الحكومة، توصلت تشاش تفي بنسخة منها، فإن الإلغاء ضروري “حتى لا يقال إن الحق في الحياة بالمغرب حق يمكن الإجهاز عليه بعقاب شنيع وبفعل الإنسان غير المنزه عن الخطأ والزلل”، في إشارة إلى القضاء البشري، مشددين على أنهم “ينتظرون تصويت المملكة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في غضون دجنبر الحالي بشكل علني وإيجابي لصالح القرار”.
وسجلت المراسلة التي يعد “الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام” موقعا عليها، أن التصويت بالإيجاب مهم كي “يستقبل الرأي العام الوطني وكل نشطاء الحركة المناهضة والحركة الحقوقية مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان لهذه سنة، في العاشر من دجنبر، وقد انتصرت الحكومة على إكراه التردد والانتظار لتلتحق بصفوف الدول التي تبني أعمدة صلبة لمجتمع الحقوق والحريات، ولتكون جديرة بذلك”.
ويعول الفاعلون الحقوقيون أنفسهم على قرار المغرب حتى يكون تعزيزا لكشف “العدوان والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني واللبناني على مدى أكثر من 14 شهرا، ضدا على الحق في الحياة والحماية من التجويع ومن التقتيل”، وقالوا في رسالتهم إلى عزيز أخنوش: “ما أحوج الإنسانية لمن يمسح دموع المظلومين وينقذهم من القتل ومن الإعدام أكان باسم القانون أم خارج نطاق القانون”.
وشددت الهيئات التي وقعت الوثيقة إلى جانب الائتلاف: شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، شبكة الصحافيين والصحافيات ضد عقوبة الإعدام، شبكة نساء ورجال التعليم ضد عقوبة الإعدام وشبكة المقاولات والمقاولين ضد عقوبة الإعدام، على أن “اختيار الحكومة المغربية الإبقاء على هذه العقوبة والعجز عن اتخاذ القرار بإلغائها، أمر يفتقد للمنطق ولا يخدم بناء دولة القانون، ولا يسمح بإصلاحات عميقة للمنظومة القضائية أو تقوية الديمقراطية”.
في السياق ذاته، لفتت التنظيمات سالفة الذكر إلى كون “اللجنة الثالثة التابعة للأمم المتحدة المعنية بقضايا حقوق الإنسان صوتت بتاريخ 18 نونبر الماضي، للمرة العاشرة، على قرار الوقف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام، وهو قرار يعبر عن توجه عالمي ينادي بإلغاء هذه العقوبة التي تمثل العقاب الدامي والمنتهك للحق في الحياة والحق في الكرامة الإنسانية والحق في الحماية من التعذيب وضروب المعاملة القاسية”.
وأشارت في المنحى نفسه إلى “تصويت 131 دولة لصالح القرار، فيما صوتت ضده 36 دولة، بينما امتنعت عن التصويت 21 دولة، وغابت 5 دول عن المشاركة”، مضيفة أنه “من المنتظر أن يعرض القرار على الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه من كافة الدول الأعضاء خلال دورة دجنبر الحالي، للمرة العاشرة، بعد أن عرض القرار في أول مرة سنة 2007”.
وذكرت الوثيقة عينها أن “موقف الحكومة المغربية لم يكن موقفا إيجابيا من القرار منذ بداية مسار الدعوة لإيقاف تنفيذ الإعدام عالميا، لأنها التزمت موقف الامتناع عن التصويت كلما عرض القرار على الجمعية العامة، ولم يسبق لها أن تقدمت أمام الرأي العام بأي شرح سياسي أو قانوني أو حقوقي لتبرر أمامه امتناعها عن التصويت، ومن دون أن تبالي بما تمثله المادة 20 من الدستور التي تنص على الحق في الحياة”.
المراسلة التي وقعها عبد الرحيم الجامعي وعبد الرحمن العلالي ومصطفى العراقي ومليكة غبار ونادية بنحيدة، أشارت أيضا إلى “ما يعبر عنه العفو المتخذ من حين لآخر عن بعض المحكومين بالإعدام من معان، وكذا انتظارات المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة دستورية، فضلا عن مناشدات ومرافعات هيئات المجتمع المدني الداعية لإلغاء عقوبة الإعدام من المنظومة الجنائية المغربية وملاءمتها مع القانون الدولي لحقوق الإنسان”.