“هل يؤثر الرد السلبي من قبل المستفيدين من العفو الملكي في إمكانية استفادة السجناء المتبقين؟”، سؤال يتصاعد مع تدوينة مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق، والتي أشار فيها إلى أن “القول الحسن يشجع الدولة على المزيد”.
يعيش المغرب هذه السنة على وقع متغيرات حقوقية لافتة، بدأت منذ إعلان الملك محمد السادس عفوه على صحافيين ونشطاء، أعقب ذلك الإفراج عن آلاف المزارعين الذين كانوا مدانين في قضايا متعلقة بالقنب الهندي.
وسط هذا الانتقال الحقوقي تصاعد نقاش مجتمعي حول مصير السجناء المتبقين، وهنا الحديث عن حراك الريف، قبل أن يخرج مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق، متحدثا في تدوينة له عبر حسابه الشخصي بـ “فايسبوك”، قائلا: “جلالة الملك حينما يقرر العفو لأحدٍ، فإنما يُقرره رأفة ورحمة، وتكرما وإحسانا، وبهذا المعنى تنطق عادة البلاغات التي تصدر بالمناسبة. ولذلك، لا يعقل، كما لا يُقبل، أن يفسر العفو الملكي في أي مناسبة إلا بما تم الإعلان عنه، دون تأويل فج، أو تفسير سيئ”.
تدوينة الرميد
وأضاف الرميد، وفق المصدر ذاته، أن على كل من حظي بالعفو الكريم أن “يقابله بالشكر والامتنان؛ لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم”.
وبعدما استشهد بآيات قرآنية، أشار المسؤول الحكومي السابق إلى أنه “لا يستقيم في هذا السياق التبجح بعدم طلب العفو أو ما شابه، وكأن العفو عمن طلبه رذيلة، وعكس ذلك فضيلة. والثابت أن هناك من لم يطلبه شخصيا؛ ولكن قريبا أو لربما أكثر قد طلبوه رأفة به وعطفا عليه.. وحتى إذا لم يكن شيء من ذلك، فإن من لم يطلب العفو وناله أولى به أن يكون أكثر شكرا وعرفانا ممن طلبه؛ فهذا من صميم سمو الأخلاق وحسن التصرف”.
وتصاعدت الأسئلة بعدما ختم الوزير السابق بالتأكيد على أن “الرد الإيجابي من السجناء المفرج عنهم يشجع الدولة على المزيد، وعكس ذلك إنما يؤخرون ذلك، وربما يعرقلونه”.
تشيكيطو: “العفو يجب أن يبقى في نطاقه الإنساني”
وبالنسبة لعادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن ما جاء في تدوينة الرميد “صائب تماما، خاصة أن العفو الملكي على صحافيين ونشطاء رافقه استغلال سياسي غير مبرر”.
وأضاف تشيكيطو متحدثا لتشاش تفي أن الدولة أو (المخزن) “لم يعرف ضغطا ليقوم بالعفو على أي سجين، فهو ينطلق من إرادته”، مشيرا إلى أن “هذه البادرة الإنسانية ييجب أن تحظى بالشكر والإشادة للملك، وأن تبتعد عن أي استغلال سياسي يذكر، وأن تستمر المطالبة العقلانية والمؤدبة للإفراج عن المتبقين”.
وتابع الحقوقي ذاته: “ما تطرق له الرميد حول عرقلة الردود السلبية والاستغلالات السياسوية للعفو عن المعتقلين المتبقين صحيح تماما”، مبينا أن “البعض ظهر أنه لن يحس بالراحة حتى تبقى العديد من القضايا الحقوقية عالقة”، وفق تعبيره.
وشدد المتحدث عينه على أن “العفو الملكي يجب أن يبقى في بعده الإنساني، وأن يقابل على الأقل ببعض اللباقة والاحترام”، موردا أن “العصبة عندما كانت في أوج صراعها وهي تنادي بالعفو عن المعتقلين، لم تقم الدولة بأي تحرك وقتها، حتى مؤخرا؛ ما يعني أن الإرادة هي من تحكم، وليس الضغوط غير المبررة والمفضوحة”.
“خطاب سياسي”
في المقابل، قال عبد المجيد الكوزي، جامعي مهتم بالشأن الحقوقي، إن ما جاء في تدوينة الوزير الرميد “غير صحيح تماما، وإنما هو تبرير لموقعه ضمن عملية التوسط للإفراج عن المعتقلين”.
وأضاف الكوزي لتشاش تفي أن “ما قام به الرميد هو خطاب سياسي، يخدم توجهه الحزبي، انطلاقا من إيديولوجيته”، مشيرا إلى أن “المعتقلين المتبقين في السجن من الصعب تقبل فرضية تأثرهم من تصريحات المفرج عنهم قبلهم، ويبقى موضوع طلب العفو هو الأكثر تقبلا لمنطق”.
وشدد المتحدث عينه على أن “ما قاله الرميد مجرد كلام سياسي، يخدم حزب العدالة والتنمية، في سياق النقاش الدائر حول مسألة العفو الملكي”.