بفضل ما يوفره من بيئة مثالية تجمع بين التنوع الجغرافي والكفاءات التقنية والاستقرار الأمني، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كوجهة مفضلة لصناع الإنتاجات السينمائية العالمية. وفي هذا الإطار تحتضن المملكة منذ أيام تصوير مشاهد من الفيلم الأمريكي الجديد “ماتش بوكس” للمخرج سام هارغريف.
وكشف الإعلامي والناقد السينمائي المغربي بلال مرميد، في تصريح لتشاش تفي، أن حصة المغرب من هذا الإنتاج تجاوزت 17 مليون دولار حتى الآن، مبرزا أنه من المتوقع أن تتراوح الميزانية الإجمالية التي ستضخ في الاقتصاد المغربي بين 170 و200 مليون درهم عند نهاية التصوير.
وأضاف أن هذا النشاط السينمائي يتيح فرص عمل واسعة، إذ يشارك فيه حوالي 500 تقني مغربي إلى جانب مساعدي التصوير، كما تم استقبال 280 بعثة أجنبية، وتشمل الاستفادة المباشرة وغير المباشرة لهذا الإنتاج حوالي 6000 مغربي، من بينهم أكثر من 200 سائق في الدار البيضاء وحدها، ما يعكس التأثير الاقتصادي المتنامي لصناعة السينما في البلاد.
وقال مرميد إن المشروع جاء إلى المغرب بفضل جهود منفذ الإنتاج المغربي كريم الدباغ من خلال شركته “قصبة للأفلام”، موضحا أن ذلك يعود إلى علاقة الثقة التي تجمعه بالمنتج الرئيسي للفيلم، حيث سبق أن تعاونا في ثلاثة أفلام تم تصويرها في المغرب، من بينها “Army of one” عام 2016.
وأفاد بأن تصوير المشاهد في مدينة الدار البيضاء يتم بسلاسة كبيرة، بفضل احترافية الطاقم، الذي قام في مرحلة أولى بزيارة الأحياء الشعبية والتحدث مع السكان، مما خلق علاقة ألفة وتعاون بين المواطنين وصناع الفيلم، مشيرا إلى أن هذا العمل سيظهر الجانب الحقيقي والواقعي للعاصمة الاقتصادية دون الجانب الفولكلوري الذي تتطرق له مجموعة من الأعمال الأجنبية التي صورت سابقا في المغرب.
وذكر الإعلامي المغربي أن تصوير “ماتش بوكس” انطلق من بودابست، قبل الانتقال إلى المغرب، ثم سيتابع الفريق التصوير في سلوفاكيا، وكان من المقرر تصوير بعض المشاهد في صحراء الولايات المتحدة، إلا أن فريق الإنتاج، بعد تجربة التصوير في مدينة أرفود، قرر الاستغناء عن التصوير في أمريكا والاستعانة بصحراء منطقة “الجبل المدور” بالمغرب.
ويرجع هذا الاختيار إلى جودة الخدمات التي يقدمها التقنيون المغاربة الذين يتمتعون بطاقات هائلة واحترافية كبيرة، إضافة إلى العوامل الطبيعية واللوجستية التي تجعل المغرب منافسًا قويًا لمواقع تصوير عالمية.
وشدد بلال مرميد، في حديثه مع تشاش تفي، على أنه رغم هذه النجاحات، لا تزال هناك فرص غير مستغلة بالكامل، موضحا أنه تم قبل سنوات طرح مشروع “وان ستوب شوب” بمدينة ورزازات، الذي كان يهدف إلى إنشاء مدينة تصوير متكاملة على غرار مجموعة من الدول، بحيث يجد صناع الأفلام جميع المرافق اللازمة من ديكورات وإكسسوارات وملابس ومعدات تقنية، لكن هذا المشروع لم يرَ النور بعد، ولو تحقق لكان بإمكان المغرب مضاعفة أرباحه من الإنتاجات السينمائية إلى مليارات الدراهم، مما يعزز مكانته كواحد من أهم مراكز التصوير السينمائي في العالم.