يشهد إقليم تنغير ايقاعا تنمويا مكثفا غير مسبوق، حيث أطلقت العشرات من المشاريع التنموية الهامة، التي تهدف إلى مواكبة التطور التنموي الشامل الذي تعرفه المملكة. وتأتي هذه المشاريع في إطار الدينامية المجالية والتنموية التي يشهدها الإقليم، واستجابة لحاجيات الساكنة المتزايدة من مشاريع تهم التجهيزات والخدمات والتأهيل الحضري والبنيات السوسيواقتصادية.
وحسب المعلومات التي توصلت بها جريدة تشاش تفي الإلكترونية، فإن القيمة الإجمالية للمشاريع التي يتم إنجازها في إقليم تنغير حاليا بلغت أكثر من 3 مليارات و 913 مليون درهم، موزعة على أزيد من 113 مشروعا هاما في قطاعات حيوية مثل الماء الصالح للشرب والطرق القروية والصحة والتعليم والكهرباء والتجهيزات الاجتماعية والرياضية والمعابر والتطهير السائل ومحطات معالجة المياه العادمة وغيرها من المشاريع.
وكشفت مصادر مطلعة أن السلطة الإقليمية، بتنسيق مع الجهة والجماعات الترابية وجميع القطاعات المعنية، تولي اهتماما بالغا بتنمية الإقليم استجابة لتطلعات وحاجيات الساكنة المحلية، سواء في المجالات الحضرية أو القروية. وحسب المعلومات ذاتها، تعتبر الجهة والجماعات الترابية في إقليم تنغير شريكا أساسيا في تحقيق التنمية المحلية، حيث تم إطلاق 292 مشروعا خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2024 بتكلفة إجمالية تفوق 800 مليون درهم. وتتضمن هذه المشاريع تحسين البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف مناطق الإقليم.
كما يتم التخطيط لإطلاق 241 مشروعا إضافيا خلال سنتي 2025 و2026 في الجماعات الترابية، بتكلفة تقدر بـ 578 مليون درهم. وتعكس هذه الاستثمارات الضخمة التزام السلطات العمومية والجماعات الترابية وباقي الشركاء القطاعيين بتلبية احتياجات الساكنة وتحسين ظروف عيشها.
وأكد عدد من الفاعلين الجمعويين بإقليم تنغير على الأهمية البالغة لهذه المشاريع التنموية، معتبرين أنها ستغير وجه الإقليم وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة. ويرى محمد آيت علي، فاعل جمعوي من مدينة تنغير، أن “هذه المشاريع تمثل نقلة نوعية لإقليم تنغير، وستساهم في تحسين ظروف عيش الساكنة وتوفير فرص العمل للشباب”.
وأضاف آيت علي، في تصريح خص به جريدة تشاش تفي، “نأمل أن يتم تنفيذ هذه المشاريع في أقرب وقت ممكن، وأن يتم إشراك المجتمع المدني في عملية التخطيط والتنفيذ لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة”، مؤكدا أهمية الشفافية والحكامة الجيدة في تسيير هذه المشاريع لضمان وصولها إلى الفئات المستهدفة وتحقيق أهدافها التنموية المنشودة. كما شدد على ضرورة مراعاة البعد البيئي في تنفيذ المشاريع، والعمل على حماية الموارد الطبيعية للإقليم للأجيال القادمة.
فيما عبرت فاطمة الزهراء أغريس، فاعلة جمعوية وطالبة باحثة من بومالن دادس، عن تفاؤلها قائلة: “نحن متفائلون جدا بهذه المشاريع، ونرى أنها ستساهم في فك العزلة عن المناطق القروية وتوفير الخدمات الأساسية للسكان”، مضيفة “نأمل أيضا أن يتم التركيز على المشاريع التي تدعم التنمية الاقتصادية المحلية مثل السياحة والفلاحة”.
وشددت أغريس، في تصريح لتشاش تفي، على ضرورة إعطاء الأولوية للمشاريع التي تخلق فرص عمل للشباب وتساهم في تحسين دخل الأسر، مشيرة إلى أن التنمية الحقيقية تكمن في تمكين الساكنة المحلية من الاستفادة القصوى من خيرات الإقليم وموارده، ودعت إلى تفعيل دور الشباب والمرأة في عملية التنمية، وإشراكهم في اتخاذ القرارات التي تهم مستقبل الإقليم.
من جهته، قال الحسين غصاوي، فاعل جمعوي من ساكنة مركز إكنيون، “نحن ندعم هذه المشاريع بكل قوة، ونرى أنها ستساهم في تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للسكان”، مشددا على ضرورة التركيز على المشاريع التي تدعم التنمية المستدامة، مثل الطاقة المتجددة وحماية البيئة، بالإضافة إلى توفير المشاريع الضرورية وذات الأولوية.
في المقابل، أكد مسؤول بمديرية التجهيز والماء في إقليم تنغير، فضل الحديث عن هذه المشاريع دون الإفصاح عن هويته للعموم، أن المديرية حريصة على ضمان جودة المشاريع الطرقية ومطابقتها للمعايير، من خلال الإشراف المباشر على عملية التنفيذ والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية.
وأضاف أن “الإقليم عرف مجموعة من المشاريع الكبرى في جميع القطاعات، تحت إشراف عامل الإقليم الذي يقوم بتنسيق حكيم مع جميع القطاعات لضمان سير المشاريع وفق الخطط المرسومة”، مشيرا إلى ان الإقليم سجل إنجاز مئات المشاريع بغلاف مالي جد مهم ليس فقط فيما يتعلق بالبنية الطرقية، بل جميع القطاعات الأخرى.
وأبرز المسؤول ذاته أن الطرق كانت من المحاور التي نالت حصة الأسد في مشاريع إقليم تنغير، مستحضرا في هذا الصدد طرق أكنيون تولوالت، وطرق تلمي إملشيل، وطريق آيت مراو، بالإضافة إلى طرق أخرى يعرفها الإقليم حاليا، مؤكدا أن هذه المشاريع ستساهم في ربط دواوير عديدة كانت تعاني من العزلة، مما سيساهم في تحسين ظروف عيش الساكنة وتنمية المناطق القروية.
وأشار إلى أن السلطة الإقليمية في شخص عامل الإقليم تولي اهتماما خاصا بتوفير الماء الصالح للشرب في جميع مناطق الإقليم، بتمويل من المديرية العامة للجماعات الترابية والمجلس الجهوي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من خلال إنجاز مشاريع لحفر الآبار وتجهيزها، وتوسيع شبكات توزيع المياه، مبرزا أن هذه المشاريع ستساهم في الحد من مشكلة نقص المياه التي يعاني منها الإقليم، وتحسين مستوى معيشة السكان. كما أكد على التزام السلطة الإقليمية بمواصلة العمل على إنجاز المزيد من المشاريع التنموية في مختلف القطاعات، بتنسيق مع جميع الجهات المعنية، بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في إقليم تنغير.
وعلى الرغم من أهمية المشاريع التي يتم إنجازها حاليا في إقليم تنغير، فإن الفاعلين المحليين يطالبون بتنزيل أوراش أخرى كبرى تساهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ودعم السياحة، وتطوير الفلاحة، وتشجيع الاستثمار، من خلال تسهيل عملية كراء العقارات وحل إشكالية الحصول على قروض بنكية لإنجاز المشاريع وذلك بهدف توفير فرص شغل للشباب بالإقليم.