من المنتظر أن يتعزز التقدم على مستوى تطوير البنيات التحتية الاستشفائية بتأهيلها أو تشييدها، بتفعيل ورش رقمنة القطاع الصحي التي تعد ركيزة من الركائز الأربع لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية. وتم الوقوف على ذلك خلال اجتماع سبق أن ترأسه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بحضور وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي.
وفق المعطيات الرسمية الصادرة إثر الاجتماع، فقد خُصص لـ”تتبع مراحل تنزيل ورش الارتقاء بالمنظومة الصحية الوطنية”، فيما تتجسد رقمنة المنظومة الصحية الوطنية في “إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية”.
ومن أبرز مخرجات الاجتماع ما كشف عنه من قُرب “التوقيع على اتفاقية للشراكة بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة الاقتصاد والمالية، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من أجل ضمان الالتقائية والنجاعة المالية في ما يخص تنزيل النظام المعلوماتي للمنظومة الصحية الوطنية”.
كما لم يخلُ الاجتماع ذاته، الذي يعدّ الثاني في أقل من شهر بعد اجتماع سابق يوم 19 فبراير الماضي، من التطرق إلى باقي ركائز الإصلاح الشامل لمنظومة الصحة في المغرب، المتمثلة في “تفعيل مؤسسات الحكامة”، أبرزها الهيئة العليا للصحة ووكالة الدم ووكالة الأدوية والمنتجات الصحية، مع “تدارس تقدم تنفيذ برنامج الرفع من عدد مهنيي قطاع الصحة في أفق سنة 2030”.
السلاسة والنجاعة
أكد خالد فتحي، خبير في الشأن الصحي أستاذ في كلية الطب والصيدلة بالرباط، أن “النظام المعلوماتي المندمج سيوحّد المنظومة الصحية الوطنية”، مسجلا أن “تفعيله بالشكل الأمثل سيجعلها تسير بوتيرة واحدة”.
وقال فتحي، في تصريح لجريدة تشاش تفي الإلكترونية، إن “تقاسُم الملفات سوف يمكن من تتبع مسار المريض داخل المنظومة الصحية واستحضاره في أي مرحلة ضمن سيرورة ذلك المسار”، مشيرا إلى أنه “عامل تسهيل لعملية الإحالة بين مستويات الاستشفاء المختلفة، مما يضمن سلاسة ونجاعة العلاج”، معددا أيضا مكاسبه المرتقبة، إذ “يُفيد في تجميع المعطيات من أجل تحفيز أكثر للبحث العلمي في القطاع الطبي وعلوم الصحة”.
وبحسب الأستاذ ذاته بكلية الطب في الرباط، فإن اعتماد مختلف الفاعلين الحكوميين، إلى جانب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، على المنظومة المعلوماتية والرقمنة المندمجة لقطاع الصحة بالمملكة، “سيمكّن أيضا من توثيق وحفظ الملفات الصحية للمرضى ومعرفة عدد الحسابات المحدَثة من طرف مهنيي الصحة”.
تبعا لذلك، أكد خالد “المساعدة على تجويد الخدمات الصحية من خلال تتبع الأثر”، خالصا إلى أن “كلّ هذا سيُعفي المواطنين من الاضطرار للإدلاء بالوثائق الورقية وتقليصها ما أمكن”.
سؤال الالتقائية
ثمّن حسن خرجوج، باحث في المجال الرقمي والأنظمة المعلوماتية، ما أُعلن عنه رسمياً من قرب التوقيع على اتفاقية شراكة لتفعيل النظام المعلوماتي المندمج في مجال الصحة، مبرزا أن لذلك تداعيات إيجابية على تجويد العمل الطبي وتجميع المعطيات المشتتة حاليا على أكثر من مؤسسة أو هيئة مختصة.
وقال خرجوج، معلقا لجريدة تشاش تفي الإلكترونية، إن “رقمنة المنظومة الصحية بالمغرب خطوة مهمة، لكن الرهان الأكبر هو على إنجاحها وكيفية التنزيل بشكل يُدمج منظور قواعد البيانات”، خاصة أن المواطنين سيجدون مسار علاجاتهم وأرشيف مواعيدهم، فضلا عن تتبع أثر ومسار الفواتير الصيدلية ونوعية الأدوية المعتمدة في كل حالة علاجية”، ما يثير، بحسبه، تحديات ضمان الالتقائية.
كما أشار المتحدث لتشاش تفي إلى أن “متابعة رقمنة القطاع ستساعد فاعلي الصحة بمختلف تخصصاتهم والجهات الوصية على تنظيمه، من متابعة بيانات الأطباء وتحديد طبيعة انتشارهم الجغرافي وتغطيتهم لمختلف الوحدات الاستشفائية”، علاوة على “نوعية الخدمات وسلة الوصفات الطبية التي يقدمونها لمرضاهم”.
ويرى الخبير في الشأن الرقمي والأنظمة المعلوماتية أن إنجاح المنظومة المعلوماتية يتطلب “تكاثف الجهود بين مجموعة من المتدخلين، أبرزهم الأطباء ومقدمو العلاجات في القطاعين العام والخاص، فضلا عن الهيئات المهنية الممثلة لهم، وكذا مختلف هيئات الصيادلة وطب الأسنان”.